مدارك / هيئة التحرير
بعد 449 يومًا على عدوانها الواسع والمتواصل على قطاع غزة، و85 يومًا على اجتياحها الثالث لشمال غزة، أعلنت إسرائيل عملية واسعة في بيت حانون، بوابة القطاع الشمالية.
وتقع بيت حانون في شمال قطاع غزة، وهي ترتفع عن سطح البحر حوالي 50 مترًا، ويحدها من الشمال الشرقي خط الهدنة لعام 1948، ومن الجنوب الغربي بلدة بيت لاهيا.
وبلغ عدد سكان بيت حانون عام 2023 حوالي 62,916 نسمة وفقًا لموسوعة القرى الفلسطينية. يعود أصل سكانها إلى مناطق متعددة، واضطر الآلاف منهم للنزوح قسرًا بعد أوامر إسرائيل بالتهجير القسري لسكان شمال قطاع غزة، إلا أن الآلاف اختاروا الصمود فيها وتحدوا كل قرارات التهجير والقصف.
مقاومة رغم العدوان
وشهدت بيت حانون أول توغل لقوات الاحتلال في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وانتهى بانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق الشمالية أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أن تعود للمدينة 6 مرات على الأقل، حيث دمر أكثر من 80% من مباني المدينة.
ورغم التوغلات المتكررة بيت حانون، والقصف العنيف، بقيت بيت حانون تقاوم رغم تدميرها شبه الكلي، ونفذت فيها المقاومة كمائن نوعية، قبل أن تفاجئ الجميع بإطلاق صاروخين منها تجاه مدينة القدس في اليوم الـ 449 للحرب.
إطلاق الصواريخ، جاء في ذروة استنفار إسرائيلي، بدأ مبكرًا بشن أحزمة نارية على ما تبقى من منازل ومراكز إيواء في المدينة، حيث يوجد آلاف السكان الذين آثروا الصمود والبقاء فيها على التهجير، قبل أن تتوغل تلك القوات وتبدأ بتهجير المواطنين بالقوة واعتقال عددهم.
وعلى مدار أكثر من 14 شهرًا، شن الاحتلال الإسرائيلي مئات الغارات على بيت حانون ودمر أكثر من 80 % من مبانيها، وتوغل فيها عدة مرات.
الموقع الإستراتيجي
وبمحكم موقعها الجغرافي، تمثل بيت حانون موقعًا استراتيجيًا؛ لوجود حاجز بيت حانون /إيريز، وهو أكبر معبر بري يربط القطاع بأراضي 48 الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي، ومنه كان يتنقل المئات يوميا إلى الضفة الغربية أو أراضي 48 بعد الحصول على موافقات من الاحتلال، وكان الحاجز مسرحًا للانتهاكات الإسرائيلية قبل أن يجتاحه المقاومون في اللحظات الأولى لعملية طوفان الأقصى، ويسيطروا عليه لساعات، أغلق بعدها حتى إعداد هذا التقرير.
وما يزيد موقع المدينة أهمية، موقعها القريب من السياج الحدودي الذي أقامته إسرائيل من الناحية الشمالية والشرقية، وبمحاذاتها تقع مستوطنة سديروت على بعد 6 كيلومترات.
الزراعة والاقتصاد
قبل حرب الإبادة الإسرائيلية، كان سكان بيت حانون يعتمدون بشكل كبير على الزراعة، حيث تشكل الأراضي الزراعية نحو 45% من مساحتها.
وتشتهر المدينة بزراعة الخضراوات، الحمضيات، وأشجار اللوز والتين والتفاح. تعرضت أراضيها الزراعية لتجريف واسع النطاق جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر، مما أدى إلى خسارة مساحات شاسعة. خلال انتفاضة الأقصى عام 2000، دمر الاحتلال حوالي 7500 دونم من أراضيها الزراعية.
بالإضافة إلى الزراعة، يوجد في بيت حانون منطقة صناعية تمتد على مساحة 261 دونمًا. تشمل الأنشطة الصناعية فيها صناعة الخرسانة، البلاط، الأقمشة، البلاستيك، الأدوية، مستحضرات التجميل، إلى جانب الحدادة والنجارة. كما يعمل العديد من سكانها داخل الخط الأخضر، حيث يُعرفون بمهاراتهم العالية وكفاءتهم.
المحطات التاريخية
في عهد الإمبراطورية الأكدية عام 720 قاد سرجون الأكدي جيوشه نحو جنوب فلسطين، وأخضع أهل المنطقة لحكمه.
أسس الملك الوثني حانون المدينة كمصيف، وأصبحت مركزًا للمعارك التاريخية.
دخل أهالي بيت حانون الإسلام مع الفتح الإسلامي لفلسطين، وأصبحت ساحة لمعارك بين الصليبيين والمسلمين. شهدت المدينة هزيمة الفرنجة عام 637 هجرية، وبني مسجد النصر تخليدًا لهذا النصر.
خلال الحقبة المملوكية، كانت بيت حانون محطة بريد رئيسية بين غزة ودمشق.
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعرضت بيت حانون لتدمير واسع النطاق، وهُجّر سكانها بالكامل في الأيام الأولى للحرب. دُمّرت منازلها ومدارسها ومساجدها، وسويت أحياء بأكملها بالأرض، ولاحقًا عاد إليها الآلاف من سكانه ومن سكانه الشمال الذين رفضوا قرار النزوح إلى الجنوب.
مسجد النصر
ومن المعالم الأثرية في المدينة مسجد النصر، الذي بُني عام 637 هجرية على يد الأمير شمس الدين سنقر تخليدًا لانتصاره على الصليبيين. نُقش على بابه اسم المسجد مع عبارات تشير إلى أهمية الموقع التاريخية والدينية.
رغم الإبادة والواقع المأساوي، تظل بيت حانون شاهدة على صمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان.