الأربعاء 22/يناير/2025

التأثيرات الاستراتيجية لطوفان الأقصى على إسرائيل

الأربعاء 22-يناير-2025

مدارك / خاص/ إعداد وسام عفيفة

الملخص التنفيذي:

في 7 أكتوبر 2023، نفذت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، التي شكلت تحولًا نوعيًا في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. تميزت العملية بتخطيط محكم واستخدام تكتيكات عسكرية متطورة، مما أدى إلى اختراق الدفاعات الإسرائيلية والسيطرة على مواقع استراتيجية، وكشف ثغرات جوهرية في منظومة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية.

على المستوى السياسي، أثارت العملية أزمة ثقة غير مسبوقة في القيادة الإسرائيلية، حيث تعرضت حكومة بنيامين نتنياهو لانتقادات حادة بالفشل الأمني والإداري، مما أدى إلى تعميق الانقسامات الداخلية.

أما اقتصاديًّا، فقد أدت العملية إلى انهيار في الأسواق المالية، شلل في قطاع البناء، وتصاعد الضغوط الدولية بفعل حركة المقاطعة العالمية، حيث تواجه إسرائيل أزمات اقتصادية متفاقمة، نتيجة تضاعفت ديونها وارتفاع معدلات التضخم، مما يؤثر بشكل مباشر على مستوى معيشة المواطنين ويزيد من حدة الأزمات الاجتماعية.

اجتماعيًّا، أثرت العملية على الروح المعنوية في إسرائيل، مع نزوح آلاف المستوطنين وتصاعد حالة الخوف وعدم الاستقرار.

كما توسعت العزلة السياسية والدبلوماسية للكيان الإسرائيلي مع قيام العديد من الدول بقطع علاقاتها معه، فيما ضاعفت أوامر اعتقال الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء ووزير الحرب الضغوط الدولية على إسرائيل ويزيد من عزلتها الدولية.

يستعرض هذا التقدير أبرز تداعيات طوفان الأقصى على دولة الاحتلال حيث تُعد نقطة تحول استراتيجية أظهرت قوة المقاومة وهشاشة الاحتلال، مع تداعيات في المدى الحالي والمنظور والسيناريوهات المستقبلية.

  1. المقدمة:

عملية “طوفان الأقصى”، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، مثلت تطورًا نوعيًا في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. جاءت العملية كنتيجة لتراكم السياسات الإسرائيلية العدائية، بما في ذلك الاعتداءات المستمرة على المسجد الأقصى، والحصار المفروض على غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، تميزت العملية بتخطيط دقيق وتنفيذ محكم، مما أدى إلى اختراقات استراتيجية أربكت المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.

في أعقاب العملية، ورغم نجاح حكومة الاحتلال في الشهر الاول من حشد موقف غربي مساند للعملية العسكرية ضد غزة، الا انه سرعان ما تصاعدت الضغوط الدولية على إسرائيل في ظل استمرار الحرب والابادة الجماعية، مما أدى إلى اتساع العزلة الدولية وتأثيرات اقتصادية وسياسية واسعة النطاق.

تهدف هذه الورقة إلى تحليل الأبعاد المختلفة للعملية، بما في ذلك الأبعاد الأمنية، السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، واستشراف السيناريوهات المستقبلية المحتملة، مع التركيز على التداعيات الإقليمية والدولية التي أفرزتها هذه العملية.

  1. السياق العام:

3.1. الخلفية الأمنية والسياسية:

شهدت السنوات الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، خاصة في القدس وقطاع غزة، حيث تزايدت اقتحامات المسجد الأقصى وفرض الحصار الخانق. هذه السياسات كانت تتزامن مع أزمة داخلية متصاعدة، أبرزها الخلافات حول إصلاحات القضاء، والتي أدت إلى انقسامات حادة بين الأحزاب السياسية.

ا. تصعيد الانتهاكات في غزة والضفة:

  • سبقت عملية “طوفان الأقصى” تصاعدًا ملحوظًا في الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث تزايدت عمليات الاقتحام للمسجد الأقصى، واستمرت سياسة الحصار المفروضة على غزة.
  • استمرت إسرائيل في سياسات القتل والاعتقال الممنهج بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
  • زادت حدة الاستيطان، ورافقها ارتفاع في وتيرة المصادرة والتهجير القسري.

ب. الأزمات السياسية الإسرائيلية:

كانت إسرائيل تشهد انقسامات سياسية داخلية حادة نتيجة السياسات الحكومية، مثل الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل، التي أضعفت التنسيق الداخلي بين مؤسسات الدولة وتمثلت الازمات في التالي :

  • واجهت حكومة بنيامين نتنياهو احتجاجات واسعة على خلفية الإصلاحات القضائية، ما أضعف التركيز الحكومي على إدارة القضايا الأمنية.
  • انشغال الحكومة بالصراعات الداخلية أثر على جاهزيتها لمواجهة تحديات المقاومة.

3.2. تطورات المقاومة الفلسطينية:

اعتمدت المقاومة على التخطيط الاستخباراتي، والهجمات المركزة على نقاط ضعف المنظومة الأمنية الإسرائيلية.

كما استفادت من التكنولوجيا العسكرية، مثل الطائرات المسيّرة، والهجمات الإلكترونية لخلق حالة من الفوضى داخل إسرائيل.

وقد برزت علاقات المقاومة مع حلفاء إقليميين كعامل مؤثر، ما وفر لها دعمًا لوجستيًا واستراتيجيًا، وساهم في رفع كفاءة التخطيط والتنفيذ للعملية.

3.3. هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية:

رغم مكانتها المتقدمة عالميًا، كشفت العملية عن ضعف كبير في جاهزية إسرائيل للتعامل مع الهجمات المركزة، حيث ظهرت ثغرات في منظومات الرصد والمراقبة، وفشلت الاستخبارات في التنبؤ بالعملية أو احتوائها وتتلخص ازمة المنظومة الامنية في التالي:

  • عدم وجود تكامل فعال بين أجهزة الأمن والجيش ساهم في تفاقم الأزمة.
  • غياب خطط طوارئ متماسكة للتعامل مع الهجمات الكبرى.
  • ضعف الاستخبارات الإسرائيلية في توقع الهجمات، إذ فشلت في رصد استعدادات المقاومة لعملية “طوفان الأقصى”.
  • الاعتماد على أدوات مراقبة تقليدية لم تتوافق مع تكتيكات المقاومة الحديثة.
  • أظهرت العملية ثغرات كبيرة في نظام الأمن الإسرائيلي، الذي يُعتبر نقطة القوة الأساسية.
  • أدى ذلك إلى تراجع ثقة المجتمع الإسرائيلي في مؤسساته الأمنية.
  • استغلت المقاومة هذه الهشاشة لتعزيز تفوقها الميداني ورفع الروح المعنوية للفلسطينيين.
  • استنزاف اقتصادي بسبب الحاجة لإعادة تقييم وتطوير الدفاعات.
  1. التداعيات العسكرية والسياسية

4.1. تأثير العملية على صورة الجيش:

  • أسفر هذا الهجوم (عبر البر والبحر والجو باستخدام طائرات شراعية) عن سيطرة مُقاتلي حماس على عدد من المستوطنات ولعدة ساعات، نتج عنه مقتل ما لا يقل عن 1400 اسرائيلي، ومئات الجرحى.
  • تمكن مُقاتلي حماس من أسر عدد من الجنود الصهاينة والذي يُقدر 250 شخصاً حسب تصريح لأبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام.
  • مشاهد أسر الجنود والهروب الجماعي من مواقعهم أحدثت صدمة داخلية وخارجية.
  • بحسب اللواء الإسرائيلي المتقاعد “يتسحاك بريك”، فإن استمرار هذا الفشل قد يؤدي إلى “انهيار الجيش وسقوط الدولة”.

4.2. الأبعاد السياسية الداخلية:

أثارت عملية “طوفان الأقصى” موجة انتقادات واسعة للحكومة الإسرائيلية، حيث حملها الجمهور مسؤولية الفشل الأمني.

وتركزت الأسباب حول انشغال الحكومة بالصراعات السياسية الداخلية أثر على أدائها الأمني مما زاد من تعميق الانقسامات السياسية، وقد استغلت المعارضة الإسرائيلية الوضع لتصعيد هجماتها ضد الحكومة، مما أدى إلى تفاقم الخلافات الداخلية.

ما تسبب بانعكاسات طويلة المدى واستمرار الانقسامات الذي سيؤدي إلى تراجع قدرة إسرائيل على مواجهة الأزمات المستقبلية.

4.3. تعميق الانقسامات السياسية والاجتماعية:

ورغم عدم قدرة المعارضة على اسقاط الحكومة، وتماسك الائتلاف اليمني المتطرف الا ان المعارضة نجحت في استقطاب الدعم الشعبي باستخدام الفشل الأمني كورقة ضغط وقد ترك ذلك تداعيات تلخص في:

  • 45% من الإسرائيليين يعتبرون أن “الانقسامات الداخلية” هي الخطر الأكبر على الدولة، وفق استطلاع رأي.
  • تفاقم ضعف التنسيق بين مؤسسات الدولة في ظل استمرار الانقسامات السياسية والاجتماعية.
  1. التداعيات الاقتصادية

5.1. انهيار الأسواق المالية:

لقد تسببت عملية طوفان الأقصى والحرب على غزة بتداعيات اقتصادية عمليه سوف تستمر اثارها لسنوات قادم

فقد تهاوت الأسواق المالية، تراجعت قيمة العملة الإسرائيلية وانخفضت البورصة بنسبة تصل إلى 20%، مما أثر على ثقة المستثمرين ورفع معدلات التضخم، ما أثر على مستوى المعيشة وزاد من الضغوط الاقتصادية على المواطنين وتتلخص اهم التداعيات الاقتصادية:

  • خسائر البورصة الإسرائيلية بلغت 20 مليار دولار منذ العملية، بحسب دراسة المعهد العربي للدراسات.
  • تراجع قيمة الشيكل بنسبة 5% رغم ضخ 30 مليار دولار من البنك المركزي.
  • تم منع دخول 90 ألف عامل فلسطيني إلى إسرائيل، مما أدى إلى توقف 70% من مشاريع البناء.
  • ارتفاع أجور العمالة الأجنبية بنسبة 300% مقارنة بالعمالة الفلسطينية.
  • انخفاض التصنيف الائتماني لإسرائيل مرتين خلال العام إلى “A” مع نظرة مستقبلية سلبية.
  • خسائر قطاع السياحة بلغت 5.25 مليارات دولار بسبب نزوح السياح والمغتربين.

5.2. تأثير المقاطعة على القطاعات المختلفة

قطاع السياحة: تكبد قطاع السياحة الإسرائيلي خسارة بلغت 19.5 مليار شيكل (5.25 مليارات دولار) خلال سنة من العدوان على غزة وتداعياته في المنطقة.

قطاع الطيران: بدأت شركات الطيران العالمية في تعليق رحلاتها إلى إسرائيل، مما أدى إلى فقدان الثقة في قدرة الكيان على استعادة حركة الطيران بشكل طبيعي.

قطاع الرياضة والثقافة: تأثر القطاع الرياضي بشدة، مع تأجيل المباريات ورفض اللاعبين مصافحة بعضهم البعض كاحتجاج على الحرب في غزة. كما تأثر قطاع الثقافة والفنون بمقاطعة الفنانين وإلغاء الفعاليات الدولية.

قطاع التكنولوجيا: شهد قطاع التكنولوجيا هروب رؤوس الأموال وتراجع الاستثمارات، مما يعرض الابتكار والتطوير التكنولوجي في إسرائيل للخطر.

  1. الأبعاد الاجتماعية والنفسية:

عززت عملية “طوفان الأقصى” مشاعر الخوف والقلق بين الإسرائيليين، خاصة سكان المناطق الحدودية.

لقد أثر النزوح وانتقال الآلاف من المستوطنات الحدودية إلى مدن داخلية من الضغط الداخلي، كما أدت عملية “طوفان الأقصى” إلى زيادة ملحوظة في معدلات الهجرة العكسية من إسرائيل. وفقًا لتقارير إعلامية، غادر حوالي نصف مليون إسرائيلي البلاد بعد العملية، ولم يعودوا حتى الآن، بينما غادر 375 ألفًا آخرين بعد بدء الحرب.

ونتيجة لهذه التداعيات الاجتماعية، ستترك هذه التحولات آثارًا طويلة الأمد على التركيبة السكانية والنفسية للمجتمع الإسرائيلي والتي جاءت بسبب:

  • نزح 75 ألف مستوطن من المناطق الحدودية إلى مناطق داخلية.
  • تشير بيانات دائرة الإحصاء الإسرائيلية إلى أن حوالي 60 ألف إسرائيلي هاجروا خلال عامي 2022 و2023، مع زيادة ملحوظة في الهجرة بعد “طوفان الأقصى”. كما انخفضت الهجرة إلى إسرائيل بنسبة 70% في الأشهر الأولى من الحرب، حيث وصل حوالي 2000 يهودي بين 7 أكتوبر و29 نوفمبر 2023، مقارنة بـ 4500 كانوا يصلون شهريًا في نفس الفترة من العام السابق.
  • غياب الثقة في قدرة الجيش والحكومة على حماية المستوطنات.
  • تصاعد معدلات القلق والاكتئاب بين الإسرائيليين، حيث شهدت العيادات النفسية زيادة 30% في أعداد المراجعين.

كما خلقت مشاهد الهجمات حالة من الذعر المجتمعي، خاصة في المناطق القريبة من الحدود العديد من الاثار أبرزها:

أثر طويل الأمد: قد تساهم الأزمة النفسية في زيادة الهجرة العكسية من إسرائيل.

تأثير على الروح الوطنية: انخفاض ثقة المجتمع بالمؤسسات الأمنية والحكومية.

تثير هذه الظاهرة تساؤلات حول مستقبل (إسرائيل) كـ”وطن قومي” لليهود، خاصةً مع تزايد أعداد المهاجرين العائدين إلى بلدانهم الأصلية أو دول أخرى.

  1. التداعيات القانونية والدولية:

7.1. قرار الجنائية الدولية:

في نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ومن تداعيات القرار:

● هذا القرار يعكس تضاعف الضغوط الدولية على إسرائيل ويزيد من عزلتها السياسية والاقتصادية.

● يعزز القرار من عزلة إسرائيل على المستوى الدولي، حيث يُعتبر دليلًا على ممارساتها الانتهاكية في قطاع غزة، كما قد يؤدي القرار إلى تجميد أو تراجع بعض العلاقات الثنائية بين إسرائيل والدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.

● ويعتمد تنفيذ القرار على تعاون الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن اعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أي من هذه الدول.

7.2. دعوى محكمة العدل الدولية:

وفي 29 ديسمبر 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، استنادًا إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، تُعد هذه الدعوى الأولى من نوعها التي تُحاكم فيها إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية أمام محكمة دولية كبرى، مما يعكس تحولًا هامًا في التداعيات الدولية للقضية الفلسطينية.

وقد تطورات مراحل وتداعيات الدعوى على النحو التالي:

  • 26 يناير 2024: أصدرت المحكمة أمرًا مؤقتًا يُلزم إسرائيل باتخاذ تدابير لحماية الفلسطينيين ومنع أي أعمال قد تُصنَّف كإبادة جماعية، بما في ذلك ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
  • مايو 2024: أمرت المحكمة إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في رفح جنوب قطاع غزة والانسحاب الفوري لقواتها، دون أن تأمر بوقف كامل لإطلاق النار.
  • انضمت عدة دول لدعم للدعوى، منها: نيكاراغوا، التي تقدمت بطلب رسمي للانضمام في 23 يناير 2024، وأعلنت كولومبيا وليبيا نيتهما الانضمام في الأشهر التالية.
  • قدمت المكسيك طلبًا مشابهًا في أواخر مايو 2024، وانضمت تشيلي وكوبا وإسبانيا في يوليو 2024، اما تركيا فقد انضمت رسميًا في 7 أغسطس 2024، وأعربت أيرلندا وبلجيكا عن عزمهما الانضمام.

7.3. التضامن العالمي:

شكل التضامن العالمي مع القضية الفلسطينية عموما ومع غزة على وجه الخصوص تحولا لافتا، خصوصا في الدول الغربية ومنها على سبيل المثال:

  • تضامن عالمي واسع مع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” تجسد في مظاهرات حاشدة بمدن أميركية وأوروبية.
  • حركات طلابية بالجامعات الأميركية دعمت فلسطين عبر احتجاجات ومقاطعات أكاديمية لإسرائيل.
  • دول أميركا اللاتينية نظمت فعاليات تضامنية، أبرزها مسيرات في الأرجنتين وتشيلي.
  • مبادرات في الاتحاد الأوروبي دعت إلى وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن غزة.
  • حركات مثل “حياة السود مهمة” دعمت فلسطين وأدانت الصهيونية كنظام استعماري.

8.السيناريوهات:

  1. تصعيد عسكري قد تتجه إسرائيل إلى الاستمرار في توسيع عملياتها العسكرية، بعد غزة ولبنان والجبهات الإضافية في اليمن وإيران والعرق، حيث تتجه الى تحويل الضفة الغربية ساحة مواجهة رئيسية، لإعادة فرض سيطرتها، مستهدفة تدمير البنية التحتية للمقاومة، واستعادة الهيبة الأمنية والعسكرية وقوة الردع على مستوى المنطقة ولكن هذا السيناريو يواجه تحديات منها:
  • تواجه دولة الاحتلال تحديات متمثلة بزيادة الانتقادات الدولية ما قد يؤدي إلى زيادة الضغوط الدولية على إسرائيل، مع ذلك يستمر تركيز العمليات على الجبهات الأخرى مثل الضفة الغربية وجنوب لبنان خلال المرحلة المقبلة.
  • تواصل ارتفاع التكاليف الاقتصادية والبشرية لهذه الحملة.
  • قد تحقق الحملة مكاسب مؤقتة، لكنها قد تؤدي إلى استنزاف طويل الأمد للقدرات الإسرائيلية.
  1. تهدئة مشروطة تحت ضغط دولي:

قد تضطر إسرائيل إلى قبول تهدئة مشروطة نتيجة ضغوط دولية وإقليمية لتجنب المزيد من الانتقادات والخسائر، وسوف تجد الحكومة اليمينة الحالية صعوبة إقناع الجمهور الإسرائيلي بان تحقيق التهدئة هو نتيجة الانتصار، وبتحليل دوافع وتحديات هذا السيناريو يتضح التالي:

  • تخفيف الضغوط الدولية بعد تصاعد الأصوات المنتقدة في المحافل الدولية.
  • الحفاظ على الاستقرار الداخلي ومنع انهيار الحكومة.
  • مواجهة رفض داخلي من قبل المستوطنين والجماعات اليمينية المتطرفة.
  • قد تساهم التهدئة في تخفيف التوترات مؤقتًا، لكنها قد تعتبر تنازلاً إسرائيليًا يزيد من قوة المقاومة.
  • فيما ستكون التهدئة مرحلة مؤقتة، وستسعى المقاومة في تعزيز قدراتها استعدادًا لجولات قادمة.
  1. استمرار الوضع الراهن:

قد تختار إسرائيل الحفاظ على الوضع الحالي دون اتخاذ خطوات تصعيدية أو تهدئة رسمية، مع التركيز على تحسين الدفاعات الأمنية لعدة ومن خلال تحليل السيناريو فان الدوافع تصدم أيضا بتحديات منها:

  • محاولة استعادة الردع عبر تطوير استراتيجيات عسكرية وأمنية جديدة.
  • استمرار الضغط الشعبي والانتقادات السياسية الداخلية بسبب غياب الحلول الحاسمة.
  • قد يؤدي استمرار الوضع الراهن إلى خلق حالة استنزاف طويلة الأمد تؤثر سلبًا على جميع الأطراف.
  1. التحول نحو حلول سياسية بعيدة المدى:

قد تضطر إسرائيل إلى مراجعة سياساتها تجاه الفلسطينيين والعمل على حلول سياسية تساهم في التخفيف من حالة الصراع، واستثمار النجاحات التي حققتها في الميدان العسكري ويمكن تحليل هذا السيناريو من خلال التالي:

  • العمل على تخفيف العزلة الدولية المتزايدة.
  • محاولة إصلاح العلاقات مع المجتمع الدولي والحفاظ على الدعم الغربي.
  • لكن هذا السيناريو يواجه معضلة غياب قيادة سياسية قادرة على اتخاذ خطوات اتجاه مشاريع سياسية
  • الرفض الداخلي الاسرائيلي لهذه الخيارات من قبل القوى السياسية المتطرفة.
  • هذا السيناريو غير مرجح في ظل الظروف السياسية الحالية، لكنه قد يبرز كخيار مستقبلي مع استمرار الاستنزاف.
  1. استخلاص النتائج:

عملية “طوفان الأقصى” بارزة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تعكس قوة المقاومة الفلسطينية وهشاشة الاحتلال الإسرائيلي، مع تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة على إسرائيل.

تعتمد السيناريوهات المستقبلية على كيفية تعامل إسرائيل مع هذه الضغوط، ومدى استعداد المجتمع الدولي لدعم حقوق الفلسطينيين ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، ويمكن تلخيص الاستنتاجات في النقاط التالي:

  1. الأثر الاستراتيجي لعملية “طوفان الأقصى”:
  • لأول مرة في التاريخ الصراع مع الاحتلال يسقط نحو 1500 قتيل اسرائيلي ويتم اسر 250 خلال ساعات من عملية طوفان الأقصى.
  • أظهرت العملية قدرة المقاومة على التخطيط والتنفيذ العسكري المتقن، مما كشف هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية، بما فيها “القبة الحديدية” والاستخبارات.
  • العملية شكّلت صدمة استراتيجية لإسرائيل وأحدثت تغييرًا في معادلة الردع بين المقاومة والاحتلال، بعدما استطاعت المقاومة من مباغتة الاحتلال في هجوم غير مسبوق وتسيطر على قواعده ومقراته العسكرية
  • تراجع الثقة في الجيش الإسرائيلي داخليًا وخارجيًا بعد مشاهد الهروب وأسر الجنود.
  • كشفت العملية الحاجة لتطوير منظومات دفاع جديدة لدى الاحتلال، مما سيؤدي إلى استنزاف الموارد الاقتصادية.

2. آثار سياسية واقتصادية:

  • تفاقمت الانقسامات داخل إسرائيل، حيث أظهرت العملية ضعف الحكومة في إدارة الأزمات الأمنية والسياسية.
  • زادت احتمالات انهيار الحكومة الحالية أو الدعوة لانتخابات مبكرة، مما يعمق عدم الاستقرار.
  • تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر ضخمة، شملت انهيار الأسواق المالية وتراجع في التصنيف الائتماني
  • نزوح عشرات الآلاف من المستوطنين إلى مناطق أكثر أمانًا، مما خلق أزمة اجتماعية طويلة الأمد.
  • زيادة الهجرة العكسية بشكل غير مسبوق، فيما تحولت المدن الكبرى مثل تل ابيب الى دائرة الاستهداف الدائم.
  1. الآثار الدولية والقانونية:
  • لأول مرة تدخل (إسرائيل) في قفص الاتهام من خلال محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، وهيئات الأمم المتحدة، مع تصاعد الانتقادات الدولية لإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب.
  • تصاعد حركة المقاطعة العالمية (BDS) وتأثيرها على قطاعات متعددة مثل السياحة، التكنولوجيا، والأسواق المالية، والتعاون الاكاديمي.
  • تضامن شعبي عالمي مع الشعب الفلسطيني وغزة مقابل اتساع العزلة الدولية للاحتلال، وعودة القضية الفلسطينية كقضية محورية عالمية.
  1. الخاتمة:

عملية “طوفان الأقصى” ليست مجرد حدث عسكري، بل نقطة تحول استراتيجية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. أظهرت العملية قدرة المقاومة على كسر الهيمنة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وفرضت تحديات جديدة على المستويات الأمنية، السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية داخل إسرائيل.

على الرغم من الردود المتوقعة من إسرائيل، سواء عبر تصعيد عسكري أو تهدئة مشروطة، فإن العملية أسست لمرحلة جديدة من الصراع تتسم بزيادة جرأة المقاومة واستمرار الضغط الدولي على الاحتلال.

تعكس هذه التطورات هشاشة الاحتلال أمام استراتيجيات المقاومة المتطورة، وتبرز أهمية تعزيز الوحدة الفلسطينية واستثمار المكاسب الميدانية والسياسية لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى.