مدارك / هيئة التحرير
من جامعات تتولى مسؤولية التعليم والتنوير العقلي إلى ذراع أساسي في صناعة أسلحة القتل وصناعة الكراهية. هكذا يبدو حال الجامعات الإسرائيلية بما تسهم به في تعزيز القوة العسكرية لكيان الاحتلال الإسرائيلي، مما يجعلها شريكة رئيسية في الانتهاكات المستمرة ضد الشعب الفلسطيني.
فمهمة هذه المؤسسات الأكاديمية لا يقتصر على التعليم والبحث العلمي التقليدي، بل تتجاوز ذلك لتصبح محركات رئيسية لتطوير التكنولوجيا العسكرية وصياغة العقائد الحربية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين وتدمر بنيتهم التحتية.
وعلى مدار العقود الماضية، أدت الجامعات الإسرائيلية دورًا محوريًّا في دعم جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حروبه المتكررة على قطاع غزة، وهو ما يظهر جليًّا من خلال ابتكاراتها في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، الذكاء الاصطناعي، والحرب السيبرانية.
التكنولوجيا العسكرية: تعاون وثيق مع الجيش
ترتبط الجامعات الإسرائيلية بعلاقات متينة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي والشركات العسكرية الرائدة، حيث تطور تقنيات قتالية تُستخدم مباشرة في العمليات العسكرية. على سبيل المثال، عملت هذه الجامعات على تطوير تطبيقات تعتمد على تقنيات الواقع المعزز لتحسين الرؤية الليلية وتحديد الأهداف بدقة. كما ساهمت في تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي لتحليل البيانات الجوية، التنبؤ بحركات الأهداف، وتحسين أداء الطائرات بدون طيار.
كل هذه الأنظمة سرعان ما وجدت طريقها لتصبح ضمن منظومة أسلحة الاحتلال ووظفت كأدوات لتسهيل قتل الفلسطينيين وتدمير ممتلكاتهم، وما حدث في حرب الإبادة التي بدأت في 7 أكتوبر 2023 مثال صارخ على ذلك.
معهد “التخنيون” في حيفا يُعد نموذجًا بارزًا لهذه الشراكة، حيث يعمل بشكل وثيق مع شركات مثل “إلبيت سيستمز” لتطوير تقنيات الطائرات بدون طيار وأجهزة التنصت وجرافات التحكم عن بُعد التي تُستخدم في هدم منازل الفلسطينيين وكشف الأنفاق.
صياغة العقائد العسكرية: دور أكاديمي في استراتيجيات الحرب
تؤدي الجامعات الإسرائيلية دورًا رئيسيًّا في صياغة العقائد العسكرية المستخدمة ضد الفلسطينيين. على سبيل المثال، طوّرت جامعة تل أبيب ما يُعرف بـ”عقيدة الضاحية”، التي تدعو إلى استخدام القوة المفرطة لتدمير البنية التحتية المدنية. هذه العقيدة، التي تم تطبيقها في حروب غزة ولبنان، تستند إلى منهجية تهدف لإيقاع خسائر بشرية ومادية جسيمة تجعل أي هجوم مضاد مكلفًا وغير عملي.
دعم الحرب السيبرانية والاستخبارات
لم يقتصر دور الجامعات الإسرائيلية على تطوير التكنولوجيا العسكرية التقليدية، بل امتد إلى الحرب السيبرانية. فقد طورت برامج متقدمة للحماية السيبرانية واختراق الأنظمة، مما أتاح لجيش الاحتلال الإسرائيلي استخدام المعلومات الاستخباراتية ضد فصائل المقاومة.
وخلال حروبها الدامية، شنت إسرائيل هجمات سيبرانية على وسائل إعلام فلسطينية ودولية وشوشت عليها، كما عملت على اختراق أجهزة الهواتف المحمولة للمقاومين والسياسيين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
التمويل الأوروبي: شراكة مثيرة للجدل
تحصل الجامعات الإسرائيلية على تمويل كبير من الاتحاد الأوروبي ضمن برامج البحث والتطوير، مثل برنامج “هورايزون 2020” وبرنامج “هورايزون يوروب”. وقد بلغ التمويل الذي تلقته إسرائيل في إطار هذه البرامج حوالي 1.28 مليار يورو بين عامي 2014 و2020. هذا الدعم المالي يعزز التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، مما يثير انتقادات واسعة من قبل مؤسسات حقوقية وأكاديميين دوليين.
دعوات للمقاطعة
مع الدور المحوري الذي تؤديه الجامعات الإسرائيلية في الحروب والانتهاكات، دعا أكثر من ألفي أكاديمي أوروبي و45 مؤسسة إلى تعليق التمويل الأوروبي المقدم لهذه الجامعات. وأكدوا أن هذا التمويل يسهم مباشرة في تعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية ويدعم صناعتها الدفاعية.
تُظهر الأدلة أن الجامعات الإسرائيلية ليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل هي شريك رئيسي في المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي. من خلال تطوير التكنولوجيا وصياغة العقائد العسكرية، تؤدي دورًا حاسمًا في استمرار الجرائم والانتهاكات ضد الفلسطينيين.
المصادر
- تقارير حقوقية ودراسات منشورة حول التعاون بين الجامعات الإسرائيلية والجيش.
- معلومات من برامج الاتحاد الأوروبي للبحث والتطوير.
- تصريحات أكاديميين ومؤسسات دولية داعمة للمقاطعة.