الأربعاء 22/يناير/2025

تعاظم الاستيطان .. تهديد وجودي للفلسطينيين في الضفة

السبت 28-ديسمبر-2024

مدارك / هيئة التحرير

يشهد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تصاعدًا غير مسبوق خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة، ما يعكس توجهات حكومة الاحتلال الواضحة نحو فرض أمر واقع وتكريس خطة الضم الفعلي.

تهدف هذه السياسة إلى تغيير الطبيعة الجغرافية والديمغرافية للمنطقة لمصلحة المستوطنين، في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل حرب إبادة جماعية على قطاع غزة منذ قرابة 15 شهرًا، وهي تعيد تسليط الضوء على المخاطر على الفلسطينيين وحقوقهم الوطنية.

وتوسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إصدار قرارات مصادرة الأراضي وهدم المنازل الفلسطينية، وشروعها بتنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة تخدم المستوطنات، وفق تقارير ميدانية.

بين أبرز المشاريع الاستيطانية مؤخرًا، يأتي مشروع ضم التجمعات الاستيطانية بين مدينتي بيت لحم والقدس المحتلة ضمن مخطط “القدس الكبرى”، والذي يهدف إلى ربط مستوطنة “غوش عتصيون” جنوب بيت لحم بالقدس، عبر شبكة طرق ومحطات تخدم المستوطنات.

في 10 ديسمبر 2024، أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا بمصادرة 94 دونمًا من أراضي خلة سمعان شمال غربي بيت لحم. القرار يهدف إلى استكمال توسيع الطريق الالتفافي 60 وبناء محطة حافلات مركزية تخدم مستوطنتي “جيلو” و“هار جيلو”. وتعمق هذه المشاريع تعمق عزلة التجمعات الفلسطينية، وتحاصرها بجدران وطرق التفافية تُقيد حركتها.

من بين أبرز المواقع المستهدفة بالاستيطان، منطقة المخرور غربي بيت لحم، التي تعد المنطقة الخضراء الوحيدة المتبقية في المدينة. ففي أغسطس 2024، أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن إقامة مستوطنة جديدة تُسمى “ناحال حيلتس”، على مساحة 602 دونم. هذا المشروع يهدد بفصل التجمعات الفلسطينية المحيطة، ويُحكم السيطرة على المنطقة لصالح تجمع “غوش عتصيون”، الذي يضم نحو 80 ألف مستوطن.

في إطار حملة التصعيد، هدمت سلطات الاحتلال منذ أكتوبر الماضي 5 منازل و8 منشآت تجارية وزراعية في المناطق المصنفة (ج) بالضفة الغربية، بما في ذلك بيت لحم. كما تتعرض أراضي المواطنين لمصادرة مستمرة، ما يُقوض سبل عيشهم ويدفعهم للتهجير القسري، وفق معطيات حديثة نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.

السعار الاستيطاني في بيت لحم، هو جزء من حالة استيطانية سرطانية تفشت في الأشهر الأخيرة في عموم الضفة الغربية، تخت وطأة التركيز الإعلامي على الإبادة الجماعية في قطاع غزة. فقد أقام المستوطنون 14 بؤرة استيطانية جديدة، وفق منسّق لجان مقاومة الجدار والاستيطان جنوبي الضفة الغربية، راتب الجبور، بأن “المستوطنين أقاموا 14 بؤرة استيطانية جديدة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، في المنطقة الواقعة بين بلدتي مسافر يطا ويطاجنوبي مدينة الخليل.

“شبيبة التلال”، وهم تنظيم إرهابي من المستوطنين، هم من يعملون بشكل أساسي على إقامة البؤر ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، بدعم من حكومة الاحتلال”، وفق الجبور.

وسط سياسة الأمر الواقع، جاء إعلان سموتريتش، إعطاء تعليماته لإدارة الاستيطان والإدارة المدنية (تتبعان وزارة جيش الاحتلال) للبدء بإعداد البنية التحتية اللازمة لتطبيق ما وصفه بـ”السيادة” على الضفة الغربية. ففي تغريدة على منصة “إكس” قال سموتريتش في 11 نوفمبر الماضي: إن عام 2025 سيكون “عام السيادة الإسرائيلية” على “يهودا والسامرة” وهو الاسم الذي تطلقه إسرائيل على الضفة الغربية.

وبعد ساعات من تصريحات سموتريتش، نقلت هيئة البث “الإسرائيلية”، عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تأكيده -بمحادثات مغلقة خلال الأيام الماضية- ضرورة إعادة قضية “ضم” الضفة الغربية لجدول أعمال حكومته عند تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.

تسارع الاستيطان والتوجه لضم الصفة، لم يكن وليد الصدقة ولا وليد اللحظة، وفق تقديرات علاء الأعور الخبير في الشؤون “الإسرائيلية”، موضحًا أن الأمر يتعلق بقرار اتخذه حزب الصهيونية الدينية الذي ينتمي إليه سموترتيش في العام الماضي.

ورغم حملة الاستيطان المحمومة، وغياب المواقف الدولية المؤثرة، يعتقد الخبير الأعور أن خطط إسرائيل نحو الضم وتوسيع الاستيطان فاشلة لأنها تتناقض مع الحقائق على الأرض، إذ هناك ٣ مليون فلسطيني، ومساحة ٦٠٠٠ كيلو متر مربع في الضفة الغربية. وقال: هذه المساحة الكلية التي تمتلك من أهمية الجغرافيا السياسية ربما تشكل تحديا كبيرا لسموترتيش، وهي أن جبال رام الله تبعد حوالي ٤ كيلو عن مطار بن غوريون، وطولكرم التي تبعد حوالي كيلو متر عن كفار سابا، هذه تمنح الضفة الغربية البعد الجيوسياسي، والتي ربما تشكل خطرا كبيرا على “إسرائيل”.

وفي تقدير الخبير الأعور؛ فإن مشروع سموترتيش فاشل ولد ميتا لمجموعة من الحقائق على الأرض: أهمها أن المقاومة في الضفة الغربية ما زالت موجودة، وأن المقاومة في جنين ونابلس والخليل ورام الله وبيت لحم وفي كل مدن وقرى ومخيمات الضفة.

وفي الوقت الذي يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية خطرًا وجوديًا يتمثل في التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ويحذرون من سعي إسرائيلي لتغيير معالم الأرض، فإنهم يؤمنون أن صمودهم ومقاومتهم ووحدتهم هي الأساس في إفشال الخطط الإسرائيلية.